إرشاد علاجي عن الكذب
أولاً - موضوع الإرشاد:
إرشاد علاجيٌّ عن الكذب.
ثانيًا - أسباب الإرشاد:
1- حثُّ الإسلامِ على التحلِّي بالصدق.
2- تنمية السُّلوكياتِ الحسَنة لدى الطِّفل.
3- تقديم قُدوات إيجابيَّة؛ لكي يَقتدي بها الطِّفل.
ثالثًا - أهداف الإرشاد:
1- مُواجَهة هذه المشكلة (الكذب) لدى الأطفال.
2- تدريبهم على التحلِّي بالصِّدقِ دائمًا؛ مهما كانت النتائج.
3- الوصول بالطِّفلِ إلى حالةٍ من الصحةِ النفسيَّة، والسَّعادة وهناء النفس.
4- حثُّ الطفلِ على قولِ الصِّدق، وترغيبه في ذلك.
5- توضيح أمثلةٍ لأناسٍ تحلَّوا بالصِّدقِ، فكافأَهم الله على ذلك؛ حتى نتَّخِذَهم قدوةً لنا في حياتنا.
6- إرشاد الأطفالِ إلى الأخلاقِ الكريمة.
رابعًا - البرنامج العلاجي:
أولاً - إطار نظري عن الكذب:
الكذب هو أن يخبر الإنسان عن شيء بخلافِ الحقيقة، ويكون إمَّا بتزييفِ الحقائق جزئيًّا أو كليًّا، أو خَلْق رواياتٍ وأحداث جديدة، بنيَّةِ وقصدِ الخداع؛ لتحقيقِ هدفٍ معين، وقد يكون ماديًّا أو نفسيًّا أو اجتماعيًّا.
وهو عكس الصِّدق، والكذب فعلٌ محرَّم في جميعِ الأديان، والكذب قد يكون بسيطًا، ولكن إذا تطوَّرَ ولازم الفردَ، فعند ذلك يكون الفردُ مصابًا بالكذبِ المرضي، وقد يقترنُ بعدد من الجرائم؛ مثل الغشِّ والنصب والتزوير والسرقة، وقد يقترنُ ببعض المهن أو الأدوار، مثل الدبلوماسية أو الحرب النفسية الإعلامية أو التسويق.
أسباب الكذب:
يوجد العديدُ من الأسبابِ التي تدفع النَّاسَ إلى الكذبِ، ومن أهمِّ هذه الأسباب:
1- الخوف من العواقب.
2- اكتساب فوائد.
3- تجنُّب ذكرياتٍ مؤلِمة.
4- الخيال الخصب.
5- الحفاظ على المكانةِ الاجتماعية، وحب الظهور.
6- العداء للآخَرين؛ فيتَّهمونهم، أو يقذفونهم، أو يصِفونَهُم بصفاتٍ كاذبة.
7- الاعتياد على الكذبِ والتربية عليه.
8- الشعور بالنَّصرِ على من يكذب عليه.
علامات تَظهر على الكاذب:
1- زيغ البصر: يتعمَّدُ الكاذبُ دائمًا إزاغةَ بصَرِه أثناء الحديث.
2- استخدام كلماتٍ قليلة: يستخدمُ الكاذبُ أقلَّ عددٍ ممكن من الكلماتِ، وهو في الحقيقةِ يفكِّرُ فيما يقول من أكاذيب، وهناك أيضًا كاذبون ينهجون العكسَ؛ لِيُربكوا المستمعَ، ويثبتوا أنهم صادقون.
3- التكلُّف العصبي: يميلُ الكذَّابُ إلى تكلُّفِ منظر الجادِّ، لا سيَّما في وجهه، إلا أنه يَكشفُ نفسَه ببعضِ الحركات اللاإراديَّة؛ كمسحِ النَّظارةِ، ولمس الوجه... إلخ.
4- التَّكرار: الكذَّابُ يميل عادةً إلى استخدامِ نفس الكلماتِ مراتٍ متتالية، وكذلك نفس المبرِّرات.
5- التعميم: يحاولُ الكاذبُ تجنُّبَ مسؤولية أفعالِه، باستخدامِ أسلوبِ التعميم؛ كأن يسأل المديرُ الموظَّفَ عن سببِ التأخُّر، فيرد الموظف: "كلُّ الموظفين يتأخَّرون، حركة المرور سيِّئة".
6- تجنبُ الإشارةِ إلى الذَّات: يتجنَّب الكذَّابُ عادةً استخدامَ كلمة (أنا)، ويقول بدلاً منها: (نحن، النَّاس، معظم).
7- إطلاق كلماتِ الاستخفاف بالآخرين: يميلُ الكذَّابُ إلى أن ينسبَ للآخرين تصرفاتٍ وأقوالاً رديئة، خصوصًا رذيلة الكذب التي هو مصابٌ بها، كما أنَّه سريعُ النسيانِ، وقد يَفضحُ نفسَه بنفسِه من كثرة مواقف الكذب التي عاشها، ويُناقضها أحيانًا.
نتائج الكذب:
عندما تُقال الكذبةُ، يكون هناك نتيجتان: إمَّا أن تُكتشَف، أو تظلَّ غير مكتشفة، واكتشافُ الكذبة يشكِّكُ في المعلوماتِ الأخرى التي أدلى بها الكاذب، ويمكن أن يؤدِّي إلى عقوباتٍ قانونيَّة أو اجتماعية؛ مثل النَّبذ، أو الإدانة لشهادةِ الزُّور، ويمكن التنبُّؤ بسلوكِ الكاذب، وتَنْميطُه بعدها، وتُعدُّ أهمُّ النتائج الاجتماعيَّة للكذبِ فقدان ثقةِ الآخرين في الشَّخصِ الكذَّاب، والتشكيكَ في جميعِ أقواله وأفعاله.
الكذب في الإسلام:
يحرِّم الإسلامُ الكذب، جاء في القرآن: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28]، وقولُ الله تعالى في سورة الحج: ﴿ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ [الحج: 30]، وكان الكذبُ هو أبغضَ الأخلاق إلى رسول الإسلام محمَّد بن عبدالله؛ فعن عائشة بنتِ أبي بكر: "ما كان خُلقٌ أبغضَ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الكَذب، ولقد كان الرَّجل يكذب عنده الكذبة، فما تَزال في نفسه حتَّى يعلم أنه قد أحدثَ منها توبةً".
والكَذِب من خصال المُنافق، كما يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أربعٌ مَن كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خُلَّة منهنَّ كانت فيه خلَّة من النفاق حتَّى يدعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا عاهد غدَر، وإذا وعدَ أخلف، وإذا خاصم فجَر)).
أعظم أنواع الكذب:
يُعدُّ أعظمَ أنواع الكذب في الإسلام هو الكذبُ على الله وعلى رسوله، ويكون الكذب على الله بتحليل حرامٍ، وتحريم حلال، فقولُ الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 60]، ويقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ومن كذب عليَّ متعمدًا فلْيَتبوَّأ مقعده من النَّار)).
متى يجوز الكذب؟
يُبيح الإسلامُ الكذبَ في ثلاث حالات فقط، وهي:
• الكذب للإصلاح بين المتخاصِمين.
• الكذب على الأعداء في الحروب.
• الكذب لإرضاء الزوجة.
والدليل على ذلك قولُ أمِّ كلثوم بنت عقبة: ما سمعتُ رسولَ الله يرخِّص في شيءٍ من الكذب إلاَّ في ثلاث؛ كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((لا أعدُّه كاذبًا: الرجل يُصلِح بين الناس؛ يقول القول ولا يريد به إلاَّ الإصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرَّجل يحدِّث امرأتَه والمرأة تحدِّث زوجها)).
لماذا نكذب؟
لكي يكذب الإنسان؛ يحتاج إلى قدرات ذهنيَّة: "تفكير جيِّد، وذاكرة قويَّة، ومنطقٍ متطوُّر، وخيال واسع، وتبريرات جاهزة"، وقدرات نفسيَّة وانفعالية؛ مثلاً لتحكم بمشاعره وتعبيراتِ وجهه وتصرُّفاته، وتكييفها حسب الوضع الذي يخلقه عندما يكذب، وهذه القدرات اللاَّزمة للكذب يجب أن يُرافقها استعدادُ الشخص أخلاقيًّا وتربويًّا للكذب!
وبشكلٍ عام: الضعيف والَّذي قدراته محدودة يكون لدَيْه دوافِعُ أكثر للكذب، بعكس القويِّ والذي يملك الكثيرَ من القدرات؛ تكون دوافِعُه للكذب أقلَّ، وهذا ليس صحيحًا دومًا.
والكذب صفةٌ لدى غالبيَّة الأطفال، وإن كانت طبيعيَّةً في صغار السنِّ؛ نتيجةَ الغموض القائم في ذهنِه، وعدم التَّمييز بين الحقيقة والخيال، وفي كيفيَّة تطوُّر الكذب عند الطِّفل يقول الخُبَراء: في عمر الثَّلاث أو الأربع السَّنوات، يكتَشِف الولد أنَّ هناك خيارًا جديدًا في الحياة، وهو أنَّه يستطيع ألا يقول كلَّ شيء! بعدها يكتشف أنَّه بإمكانه أن يقول أشياءَ غير موجودة (مثل اختراع القصَّة)، إنَّ الانتقال من الاكتشاف الأوَّل إلى الاكتشاف الثاني مرتبطٌ بشكل وثيق جدًّا بتطوُّر النُّطق؛ فالكذب عند الطِّفل هو تأكيدٌ له أنَّ عالَمه الخيالي الداخليَّ يَبقى له هو، ومِلكَه الشخصيَّ، من هنا تأتي رغبتُه في ألا يقول كلَّ شيء، وأن يُخفي بعض الأشياء عن الآخرين، وبما أنَّ الطفل في هذه المرحلة لا يَملك القدرة الذهنيَّة لتمييز العالم الحقيقيِّ من العالم الخيالي، آخذين بعين الاعتبار النَّمط السريع لتطوُّر النطق المرافق لهذه المرحلة، نفهم لماذا يستمتع الطِّفل باختراع وتأليف القصص أمام الآخرين.
لكن في عمر الستِّ والسبع السَّنوات، يبدأ الولد بالتَّمييز بوضوحٍ بين الصَّواب والخطأ في مُحيطه، وهذا أمرٌ طبيعي في مجرى التطوُّر الأخلاقيِّ عند الإنسان؛ ففي مثل هذا العمر تترسَّخ الأخلاق والقِيَم الاجتماعية الصَّالحة بشكلٍ وطيد، وهكذا يتعلَّم الطفل من ناحيةٍ أنَّ قول الحقيقة شيءٌ مرغوب فيه اجتماعيًّا، ومن ناحيةٍ أخرى يتعلَّم أنَّ الكذب قد يُساعده في الدِّفاع عن نفسه في ظروفٍ معيَّنة، والطِّفل يتعلَّم الصِّدق من المحيطين به إذا كانوا يُراعون الصِّدق في أقوالهم وأعمالهم ووُعودهم، والطِّفل الذي يعيش في بيتٍ يَكثر فيه الكذب لا شكَّ أنه يتعلَّمه بسهولة، خصوصًا إذا كان يتمتَّع بالقدرة الكلاميَّة واللَّباقة، وخصوبة الخيال؛ لأنَّ الطِّفل يقلِّد مَن حوله، فيتعوَّد منذ طفولته على الكذب، والكذب سلوكٌ مكتسَب، وليس سلوكًا موروثًا، وهو عند الأطفال أنواعٌ مختلفة، تختلف باختلاف الأسباب الدَّافعة إليه.
أشكال الكذب لدى الأطفال:
1- كذب التَّقليد: يقوم الطِّفل بِمُلاحظة وتقليد سلوك الوالِدَين أو المُحيطين به.
2- كذب اللَّذة: يُمارسه الطِّفل لتأكيد قدراته على الإيقاع بالآخرين والنَّيل منهم، وهو شبيهٌ بالكذب العدواني.
3- الكذب الكيديُّ: يلجأ إليه الطِّفلُ لِمُضايقة مَن حوله؛ نتيجةَ مَشاعر الغيرة، أو إحساسه بالظُّلم والتَّفرقة.
4- الكذب العدواني السَّلبي: يتبنَّى الطِّفل أعذارًا غير حقيقيَّة، أو مبالغًا فيها؛ ليواصل سلبيَّته عندما يُطلب منه عملٌ ما.
5- كذب التفاخر: يلجأ الطفل إلى تعويض النَّقص الذي يَشعر فيه بتضخيم ذاته ومكانته الاجتماعيَّة وممتلكاته بين الآخَرين.
6- الكذب الادِّعائي (المرَضي): ادِّعاء الطِّفل بأنه مضطهَدٌ أو محروم، أو يعاني من المرض؛ بهدف الحصول على الرعاية والاهتمام والعطف.
7- كذب الانتباه: يَلجأ إليه الطفل عندما يَفقد اهتمام مَن حوله رغم سلوكيَّاته الصَّادقة؛ من أجل نَيْل الاهتمام والانتباه.
8- الكذب الخيالي: سعَة خيال الطِّفل تدفعه إلى تحقيق مشاعر النَّجاح، وتحقيق الذَّات من خلال أوهامٍ ورغبات غير واقعيَّة؛ فالطِّفل الصغير لا يميِّز بين الحقيقة والخيال، ومِن هنا فإنَّ كلامَه يكون قريبًا من اللَّعب، فيتحدَّث وكأنه يلعب ويتسلَّى، ويكون حديثه نوعًا من التعبير عن أحلام طفولته، أو ما يُطلَق عليه (أحلام اليقظة)، التي تعبِّر عن رغباته وأمنياته التي يصعب التعبير عنها في الواقع.
وهذا النوع من الخيال لا يُعدُّ كذبًا، ولا يُنذِر بانحرافٍ سلوكي، أو اضطراب نفسي، وقد يُلفِّق طفلٌ عمره أربع سنوات قصَّة خيالية؛ حيث تختلط الأفكار عنده، فلا يفرِّق بين الصَّواب والخطأ، أو الحقيقة والخيال... هذه القصَّة يجب ألاَّ يُنظَر إليها على أنَّها كذب مما نتَعارف عليه؛ حيث إنَّ خياله قادرٌ على أن يَجعل من الأوهام حقيقةً واقعة.
9- الكذب الدِّفاعي: يتخَّلص الطفل من الموقف عن طريق نَسْبِه إلى الآخَرين، ويعدُّ من أكثر أنواع الكذب شيوعًا بين الأطفال، وتَجدر الإشارة إلى أنَّ أكثر ما يدفع الطِّفلَ إلى الاستمرار في الكذب هو شعورُه بِنَفْعه.
ثانيًا - الخطوات المتَّبعَة:
1- حثُّ الأطفال على قول الصِّدق دائمًا، مهما تكون النتيجة.
2- التَّعاون مع المُربِّين، وجعلهم قدوةً للطُّلاب.
3- الاهتمام الدِّيني، وإعطاء أمثلةٍ حقيقيَّة للصِّدق، وبيان أجْر الصادق وعقوبة الكاذب.
4- عمل لافتاتٍ إرشاديَّة عن الصِّدق في أماكنَ متفرِّقة في المدرسة والمَنْزل؛ لدعم الصِّدق في نفوس الأطفال.
5- هذه اللافتات تحتوي على: أقوال عن الصِّدق؛ مثل:
قول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إن الصِّدق يهدي إلى البِرِّ، وإن البِرَّ يهدي إلى الجنَّة، وإن الرجل يَصْدق حتَّى يكتب عند الله صدِّيقًا، وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النَّار، وإنَّ الرجل يَكذب حتَّى يُكتَب عند الله كذَّابًا)).
قول "عمر بن عبدالعزيز": إذا وافق الحقُّ الهوى، فهو ألَذُّ مِن مَذاق العسل.
قول "عبدالله بن عمر بن الخطَّاب" - رضي الله عنه -: الإيمان أن تُؤْثِر الصِّدق - حتَّى لو كان يضرُّك - على الكذب حتَّى لو كان ينفعك.
"عبَّاس العقَّاد": إذا عجز القلب عن احتواء الصِّدق، عجز اللِّسان عن قول الحق.
"غاندي": خيرٌ لك أن تتَراجع من أن تَمضي في دربٍ باطل حتَّى النهاية.
"ابن القيِّم": بالصِّدق تميَّزَ أهلُ الأيمان عن أهل النِّفاق، وسُكَّان الجِنان من أهل النِّيران، وهو سيف الله في أرضه، الذي ما وُضع على شيءٍ حتَّى قطعَه.
6- مشاركة الطُّلاب في عمل إذاعةٍ مدرسيَّة متكاملة عن الصِّدق.
7- تدعيم الجانب الدِّيني لدى الطُّلاب؛ حيث إنه أساس علاج الاضطرابات النفسيَّة عمومًا.
8- دخول فصول المدرسة، وحثُّ الطلاب على الأخلاق الكريمة.
9- الاهتمام بقول الصِّدق، حتَّى لو كان يضرُّك.
"وهناك أيضًا:
1- أن تكون البيئةُ المحيطة بالطِّفل بيئةً صالحة، والجميعُ فيها صادقين، يشكِّلون قدوةً حسنة، ويَصْدقون مع أطفالهم، وأن يَفعلوا ما يقولونه، مستذكرين الآيةَ الكريمة: ﴿ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 3]، ثم تهيئة الأجواء النفسيَّة المريحة في الأُسرة؛ فالشَّخص المطمئِنُّ لا يكذب، أمَّا الشخص الخائف فيلجأ إلى الكذب كوسيلةٍ للهروب من العقاب.
2- إذا اعترَف الطِّفل بِذَنبه، فلا داعي للقصاص؛ لأنَّ مَن اعترف يَجب أن يُكافَأ على هذا الاعتراف، مع التوجيه الدقيق؛ شرطَ ألاَّ يستَمْرِئَ الوقوعَ في الكذب.
3- القيام بتشجيع الطفل على قول الصِّدق، وتزيينُ ذلك شعرًا ونثرًا، وتذكيرُه بقول الشاعر العربيِّ:
الصِّدْقُ فِي أَقْوَالِنَا أَقْوَى لَنَا
وَالكِذْبُ فِي أَفْعَالِنَا أَفْعَى لَنَا
وليس دَورُنا كشْفَ الوجوهِ البلاغية والمُحسِّنات اللَّفظية في هذا البيت؛ فذلك سيَدْرسه الطِّفل في مراحل لاحقة، وأن تزوِّده بالمثَل القائل أيضًا: "الكذَّاب كذَّاب، ولو صدَق".
4- الترَوِّي في إلصاق تُهمة الكذب بالطِّفل، قبل التأكُّد؛ لئلاَّ يألف اللَّفظة ويَستهين بإطلاقها: كأن نتَّهِمه بالكذب ثمَّ نصحب هذا الاتِّهام بعد ذلك، ثم إنَّ هذا يُضعِف من موقفنا التربويِّ، ومن قيمة أحكامِنا القابلة للنَّقْض من نحوِ أنفسنا في برهةٍ وجيزة، وحريٌّ بالآباء والمدرِّسين التنبُّه إلى هذه المسألة، أضف إلى ذلك أن الاتِّهام العشوائيَّ - والذي لم يَثبت صِدقُه - يُشعِر الطِّفل بروح العداء والكراهية نحوَنا، ولْيَكن شعارنا: كلُّ إنسان بريء، حتَّى تثبت إدانته، وليس العكس.
5- بعض الآراء التربويَّة في هذا المجال تُشير إلى أنَّه من القواعد المتَّبَعة في مكافحة الكذب: ألاَّ نترك الطفل يُمرِّر كذبته على الأهل والمدرسة؛ لأنَّ ذلك يشجِّعه ويُعطيه الثِّقة بقدرته على ممارسة الكذب دائمًا، فبمجرَّد إشعارِنا له أنَّنا اكتشفنا كذبَه، فهو سوف يُحْجِم في المَرَّات التالية عن الكذب، وللتذكُّر بأنَّ إنزال العقوبة - بعد الاعتراف بذنبه - يُعدُّ كأنَّه عقوبة على قول الصِّدق، فيجب التَّسليم - ولو لمرَّاتٍ - بأنَّ الاعتراف بالخطأ فضيلة.
6- العَدالة والمُساواة بين الإخْوة.
7- تنمية ثقة الطِّفل بنفسه.
8- المعالجة النفسيَّة للمصابين بالعُقَد.
9- التزوُّد بالقِيَم الدينية.
﴿ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 80].
وهنا نقدِّم بعض التوصيات للأمَّهات والآباء؛ لعلاج الكذب:
1- إشباع حاجات الطِّفل بقدر المستطاع، والعمل على أن يُوَجَّه الطِّفل إلى الإيمان، وتوجيه سلوكه نحو الأمور الَّتي تقع في دائرة قدراته الطبيعيَّة؛ مما يجعله يشعر بالسَّعادة والهناء، عكس تكليف الطِّفل بأعمالٍ تَفُوق قدراته؛ مما يؤدِّي إلى الفشل والإحباط والكذب.
2- أمَّا علاج الأطفال الذين يَميلون إلى سَرْد قصصٍ غير واقعيَّة؛ فيأتي عن طريق إقناع الطِّفل بأنَّك ترى فعلاً في قصته طريقةً، ولكنَّك بالطَّبع لا تفكِّر في قبولها أو تصديقها كحقيقة واقعيَّة، أفضل من العقاب البدَنِيِّ الشديد.
3- يجب أن يَشعر الطِّفل بأنَّ الصِّدق يجلب له النَّفع، وأنه يخفِّف من وطأة العقاب في حالة ارتكاب الخطَأ، وأن الطِّفل الذي يكذب ويتَصنَّع الكذب يؤدِّي إلى فقدان الثِّقة بالنفس والحرمان، وعدم احترام الآخَرين له.
4- أمَّا دور الآباء والأمهات، فيجب أن يكون حلُّهم لمشكلات أطفالهم عن طريق التفكير العلميِّ الموضوعي السَّليم، وليس عن طريق العقاب الشديد، واحترام الطفل والثِّقة؛ لأنَّ الأب والأمَّ اللَّذَيْن يقومان بدور المُخبِر السرِّي عن صدق ابنه يُشعِره بعدم الثِّقة به، أمَّا إشعار الطِّفل بأنَّه محَلُّ احترامِ الجميع وثقتهِ فلا يَدْفعه للكذب"[3].
ويجب أن نهتم أيضًا بـ:
1- التربية بالقصَّة الحقيقية الهادفة:
حيث نَختار أكثرَ القصص الحقيقيَّة الغنية بكلِّ ما نُريد أن نربِّي أولادنا عليه.
2- التربية باللَّعب الهادف:
إن اللعب له أغراضُه التربويَّة التي تعمل على بناء شخصيَّة الطِّفل في جوانبها المتعدِّدة، فهو يُقوِّي جسمه، ويُنمِّي تفكيره، ويمدُّ آفاق التواصل الاجتماعي.
3- العادات السَّليمة:
إنَّ تحويل السُّلوك المطلوبِ إلى عادةٍ من الوسائل المهمَّة في التربية، وهذا يحتاج إلى الإصرار على تحويل السُّلوك المرغوب فيه إلى عادة، فيكرِّره كثيرًا، ويُتابع ذلك متابعةً شديدة، ثم بعد فترةٍ يصير ذلك عادةً لدى الطفل.
4- المسابقة والسؤال:
أي: المسابقة بين الطُّلاب فيمن يقدر على الجواب، ويكون جواب السؤال يخدم قضية الصِّدق.
حيث قال الشاعر:
تَعَوَّدْ صَالِحَ الأَخْلاقِ إِنِّي
رَأَيْتُ الْمَرْءَ يَأْلَفُ مَا اسْتَعَادَا
5- الثواب والعقاب:
عن طريق التَّعزيز السَّالب (للكذب)، والتعزيز الموجب (للصِّدق).
6- الحوار والإقناع:
اللُّجوء إلى الحوار، ومحاولة الإقناع وإقامة الحجَّة بالدليل.
7- تجنُّب الإحباط والتثبيط:
الثَّناء والتشجيع لَهما دورٌ كبير في التأثير على عطاء الطَّالب.